الغيرة .اسمه وعنوانه

يشيع في مجتمعنا مصطلح متداول اسمه الغيرة وهو على انواع ويمكن تفسيره بانه الرغبة في الحصول على ماحصل عليه الاخر من خيرات ونعم وقد يصاحبه شعور ناقم بتفوق الأخر او تميزه عليه اوربما رغبات مريضة بتمني زوال نعمة الاخروهو ما يطلق عليه في ادبياتنا ( الحسد) .
والغيرة على انواعها تكثر في النساء عن الرجال ويمكن ملاحظة الغيرة لدى الاطفال وفيما بين الجنس الواحد ( رجال او نساء) ومن ثم الغيرة المرضية
فالتي لدى الاطفال تقع في اطار الغرائز الأولية وضمن مراحل النشوء للطفل من حب التملك فتظهر على شكل سلوك عدواني من طفل معين تجاه طفل اخر هدفه حب تملك اشياء الاخرين وهي عادة من انواع السلوك المؤقت الذي يزول بسرعة حالما ينتهي اللقاء بين الطفلين وقد يلحقه سلوك محبة متبادلة في ساعات اخرى بدون اية أضرار جانبية.
اما الغيرة بين افراد الجنس الواحد من الرجال فتنحصر تفاصيله بالتميز الوظيفي والتفوق الاجتماعي والحصول على مكاسب مادية او معنوية وقد يؤدي هذا في بعض الاحيان الى خلق شعور عدائي قد يتطور الى سلوك مريض من الدسائس والوشايات هدفه الإضعاف والتشويه وربما التسبب بعقوبات وظيفية ولو نظرنا لذلك بين النساء لوجدناها غيرة من نوع اشد واوضح تظهر على سلوك المراة ومشاعرها اكثر من الرجل وهذا واضح كون المراة رومانسية الشعور اكثر من الرجل وتتحسس بما يحيطها بدرجة اكبر وتحمل الهموم وتكتمها بدرجة اكبر من الرجل وهو ناتج عن الطبيعة التكوينية للمرأة وعن السلوك التربوي الاجتماعي الذي تربت عليه وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية ، فبنفس الاسباب التي نلاحظها للغيرة لدى الرجال نجدها تؤثر لدى النساء لكن النتائج اكبر وتغير السلوك اوضح.
اما الغيرة المرضية وهو مفهوم أخر تماما عن ما ذكر انفاً
وهو اضطراب نفسي ملخصه الشك المرضي غير المبرر بالزوجة او الحبيبة وهنا يتصور المريض ان اخلاص الزوجة غير كامل وان هناك شخصا اخر في حياتها و لديها علاقة من نوع ما معه بدون علم زوجها وبذلك يضع الخيانة نصب عينيه ولا يوجد شيء اخر دونها وعادة لا يضع شخصا واحدا بل أشخاص متعددين او ربما يبقى الشخص الغريم مجهول الهوية وهنا يبدأ المريض بمراقبة كل حركات وسكنات زوجته شديد الغيرة عليها من كل شيء ومن كل شخص لا يغفر لها زلة لا يقنع بالعفوية او الصدفة في تصرفاتها، يحاسبها على اية اشارة اوحركة اوابتسامة او نداء هاتفي، يجري معها التحقيقات المطولة عن كل شيء ويطلب تفسيرا لكل سلوك يطلب منها ان تقسم الايمان الغليظة لتبرئ ساحتهاو لإثبات ان زوجها هو الرجل الوحيد في حياتها .
كما يطلب البعض ويتمادى في اتباع سلوك الاحتشام والالتزام والحث على اجتناب الكلام مع الاخرين في العمل او الدراسة وحتى مع الاقارب وقد يتطور هذا الى سلوك المراقبة اثناء الخروج من البيت وتكليف اخرين بهذه المهمة ثم مراقبة الهاتف وادوات البيت والملابس والبحث في الحقائب الشخصية والملابس وربما الملابس الداخلية عن أية أشارة تؤكد هواجسه المريضة.
وقد يتطور ذلك الى مداهمة المراة في البيت او الجامعة او العمل للبحث عن الغريم الموهوم
في الحالات المتطورة والشديدة قد يصل هذا الشك والسلوك العدواني الى الايذاء كالاعتداء اللفظي المتكرر وربما الاعتداء الجسدي على المراة وربما قتلها عدا عن حبسها في البيت كزنزانة زواجية ظاهرها مقبول اجتماعيا وباطنها جحيم لا يطاق بما يؤدي الى اصابة المراة بالكابة والخوف من المجتمع.
قد تحدث الغيرة المرضية لوحدها كاضطراب نفسي وقد تكون احد اعراض امراض نفسية اخرى ومنها الفصام في الحالات التي تكون فيها الاعراض الاخرى غير واضحة
كما تحدث مع الكآبة الذهانية والادمان على الكحول نتيجة شعوره بانه مهمل من الزوجة والعائلة بسبب كونه فاشل في ادارة العائلة وتلبية متطلباتها اضافة الى شعوره بالرفض من زوجته بسبب عدم النظافة وضعف القدرة الجنسية وهنا قد تتطور الاوهام الى ان يتهم زوجته بانها حملت من شخص اخر غيره ويشكك في عائدية احد اولاده ليقول انه من صلب شخص اخر ليدخل في مشاكل قانونية واجتماعية لا حد لها.
ومن الصعوبات التي تواجهها عائلة المريض المصاب بالغيرة المرضية هو ان المصاب المريض لا يعرف بكونه مريض وبحاجة الى مراجعة طبيب نفسي بل ويتهم الاخرين بانهم شاذين منحرفين لا يتبعون الطريق القويم في محاسبة الزوجة ومراقبتها وقد يكون المحيط الاجتماعي مساعدا في نشوء هذه الفكرة حيث يلاقي الزوج المتشدد مع زوجته وبناته شعورا بالرضى والاستحسان من بعض الناس كونه يدل على الحشمة والالتزام.
لذا فان الدور العائلي والاجتماعي مهم في كشف هذه الحالات مبكرا واتباع السلوك القويم في العلاقة العائلية والزوجية بما يضمن الاعتدال واحترام حقوق المراة.

موضوع قيم شكرا للمساهمة